ابني يصعب علي ضبطه..
ابني لا ينضبط..
كيف أضبط سلوك ابني وأتحكم فيه؟
أسئلة الأمهات الشائعة، أمهات حائرات
يملك الطفل الطبيعي طاقة تجعله مثل نحلة العسل لا يكل ولا يمل من الحركة والتنقل هنا وهناك،
وما يجعل الفارق واضحاً بينهما أن النحلة تعمل لتبني، بينما يعمل الطفل ليخرب، وإن كان بقصد البناء والمرح بالنسبة له على الأقل،
فقد تجدين ابنك الذي يبلغ العامين من العمر وقد كتب على الحائط مستخدماً أحمر الشفاه، أو ابنتك ذات الخمس سنوات وقدأخذت بنفسها قطعة من الحلوى بعد أن منعتها من ذلك، أو اكتشفت بأن ابنك ذا السبع سنوات قد أخفى عنك أشياء..
تلك أمور يومية، لا يملون ممارستها، ولا نمل التذمر منها أو معاقبتهم عليها بالطريقة نفسها مراراً تكراراً.
وعندما تجدين نفسك أمام موقف كهذا، فإن أول ما قد يرد إلى ذهنك هو الانفجار في وجهه، إلا أنك قد تقررين بينك وبين نفسك أن تكوني أكثر صبراً في التعامل مع هذه الأمور، هذا عدا عن أنك تعرفين جيداً بأنك إذا ما لم تتمالكي أعصابك، فإنك ستضطرين إلى الاعتذار أو حتى الدفاع وتبرير ما قمت به.
كل ما تحتاجين إليه هو خطة معينة، وقد تكون هذه الخطوات التي نقدمها لك هي إحدى الوسائل التي يمكنك الاستعانة بها، والتي لن تركز على الخطأ الذي ارتكبه طفلك، بل على رد فعلك تجاه ما قام به،
فإذا ما لجأت إلى استخدام هذه الطريقة التي لن تستغرق أكثر من 60 دقيقة، فإن الأثر الذي تسعين إلى تركه في نفس طفلك قد يصبح أكثر قوة وأكبر حجماً، فستصبحين من خلالها أكثر سيطرة، كما سيصبح طفلك أكثر توقعاً لما قد يجده، كما ستكون قوة بالنسبة لطفلك، وستبني لديه السلوك الذي تريدينه أن يقتدي به من خلال هذه الخطوات البسيطة:
0 – 10 دقائق.. تصرف بسرعة:
أول ما يمكنك القيام به هو التصرف بسرعة كبيرة، خذي الآلة الحادة من يد طفلك أو أبعديه عن المكان، يقول (د. أنتوني وولف) كاتب العديد من الكتب عن التعامل مع الأبناء: "تدخل بسرعة ولا تأمر طفلك بالتوقف وتتوقع منه أن ينفذ ما تقول" إن عامل الأمان هو الأهم، فإذا ما وجدت بأن طفلك قد يعرض نفسه لأي خطر كان، فعليك أن تتصرفي بسرعة، "كما عليك أن تبعد كل الأشياء التي لها علاقة أو التي قد تكون أحدثت هذه المشكلة"،
يجب أن يتمكن طفلك من التركيز عليك وعلى الموقف، ولا تشتتي تفكيره بقطعة الحلوى التي يأكلها، حاولي أن تبعدي طفلك عن مسرح (الجريمة)، فقد تؤدي هذه الخطوة إلى إبعادك عن هذه الفوضى كي لا تقولي أو تفعلي شيئاً تندمين عليه.
10-20 دقيقة.. حافظي على هدوء أعصابك:
تذكري نصيحة مضيفي الطيران قبل الإقلاع والتي ينبهونك فيها إلى ضرورة وضع قناع أوكسجين في حالة حدوث أي طارئ، قبل أن تساعدي طفلك على وضعه، وقد يكون التعامل مع عواطفنا هو أشبه بهذه الحالة، فكل ما عليك فعله هو الانتباه قبل كل شيء إلى نفسك،
ويقول (د. وولف): "قدلا يكون غضبك في حد ذاته هو المشكلة، وتكون المشكلة الأهم هي كيفية تعاملك مع غضبك هذا، أن تقسم بألا تغضب أبداً قد يكون شيئاً مستحيلاً، وسيجعلك تشعر باستياء كبير، إضافة إلى أن الأطفال يشعرون بانزعاجك حتى وإن حاولت أن تخفي هذا الأمر عنهم، كل ما عليك أن تفعله هو أن تحد من غضبك"، فإذا ما ترعرعت وسط عائلة صاخبة، كل من فيها يصرخ، فقد يصبح ضبط الطريقة التي قد تعبرين فيها عن مشاعرك أمراً شديد الصعوبة، عليك أن تغيري الطريقة التي تعبرين بها عن غضبك، فبإمكانك أن تعبري عن غضبك دون أن تقولي له أية كلمة تجرحه.
هدئي أعصابك، فذلك سيساعدك بدون أدنى شك على التعامل بطريقة جيدة مع الموقف، بالإضافة إلى أنه سيمنح طفلك فرصة لفهم ما تقولينه.
تذكري.. "إذا ما صرخت في وجه طفلك فقد يقوض من عملية تعليم الطفل نفسه، فكل ما سيركز عليه هو غضبك وطريقة تعبيرك عنه، وسينسى الخطأ الذي ارتكبه".
20-30 دقيقة.. قومي بتقييم الموقف:
امنحي نفسك فرصة لبضع ثوان لتركزي فيها على ما حدث، وتتذكري د. روزنكويست عندما قام ابنها بأخذ قلم تخطيط بنفسجي في غرفة المعيشة وتقول: "لقد كتب على الكراسي وعلى الحائط، مما جعلني أتميز غضباً بينما بدا ولدي مصدوماً وحزيناً جداً بسبب ردة فعلي، وإذا ما كنت تمهلت قليلاً فسأجد بأن كل ما فعلته هو تقليد لأحد أفلام الكرتون، فمن وجهة نظره، كان الأمر عبارة عن محاولة رائعة مليئة بالإبداع"،
صحيح أن تعرفك على هدف ابنك مما فعله لن يصلح أو ينظف الكرسي، إلا أنه سيجعل تصرفه هذا يقع في خانة مختلفة تماماً.
يمكننا أن نعد هذه اللحظة هي لحظة تأمل، ولتتمكني من الوصول إليها، كل ما عليك فعله هو أن تفصلي هذه الحادثة عن جميع الحوادث الأخرى المشابهة التي حدثت فيما سبق وتلك التي تتوقعين أن تحدث مستقبلاً،
وعندما تنظرين إليها باعتبارها شيئاً حدث الآن وفي هذا المكان، وباعتبارها حدثاً واحداً بدلاً من أن تنظري إليه باعتباره شيئاً متكرراً، فلن تأخذي الأمر بالجدية التي اعتقدها.
كما أنه سيكون الوقت المناسب لتكتشفي مصدر هذا الفعل،
اسألي نفسك ما إذا كان هنالك ما يتعين عليك فعله للحد من سلوك كهذا مستقبلاً، واعملي على تغييره بدلاً من أن تقولي: "أخبرتك مراراً ألا تقوم بهذا" كما أنه لا يهم إن أخبرت طفلك مراراً وتكراراً بأن يمتنع عن كذا وكذا، فما زال يتعين عليك أن تخبريه أيضاً، ولكن بهدوء.
30-40 دقيقة.. تحدثي إلى ابنك:
حاولي أن تجعلي ابنك يحس ويتحمل مسؤولية الخطأ الذي قام به، بعد أن تتحدثي إليه وتخبريه عن سبب غضبك، واشرحي له السبب الذي جعلك تطلبين إليه شيئاً معيناً، والعواقب الحقيقية التي قد تنجم عن أي فعل يقوم به، بدلاً من أن تخبريه عن الطريقة التي ستعاقبينه بها،
أفهميه مثلاً بأنك لن تتمكني من إزالة آثار القلم، وكلما قل عمر طفلك قلت معه الكلمات التي يتعين عليك استخدامها لتوضحي له الأمر، انزلي لمستوى طفلك وانظري إلى عينيه، ويجب أن يستمع إلى الخطأ الذي قام به، وما كان يتعين عليه فعله لإصلاح خطئه، كأن تقولي: ما كان عليك أن تكتب على الحائط، كان بإمكانك أن تأخذ ورقة إذا أردت الكتابة، أو ما كان يجب أن تأكلي قطعة الحلوى، فسيحين موعد العشاء بعد قليل، وانسي الأمر بعد ذلك.
40-50 دقيقة.. هل الأمر بحاجة إلى استخدام العقاب؟
يعتقد العديد من الآباء أن العقاب هو واحد من أهم الوسائل في تربية الطفل، إلا أن معظم الخبراء ينفون مثل هذا الأمر، ويقول د. دونوفان: "أن تقوم بأخذ قطعة الحلوى من يد طفلك ثلاث أو أربع مرات متكررة وتخبره أنه ممنوع من أكل الحلوى قبل موعد الطعام، سيفي بالغرض وسيؤدي إلى القضاء على سلوكه هذا"
كما يشير د. وولف إلى أن العقاب لا يمكن أن يكون في يوم ما الطريقة المثلى لعلاج المشكلات السلوكية لدى الطفل، ويضيف: إذا ما قام طفلك برمي الكرة في أرجاء المنزل، فكل ما عليك فعله هو أن تأخذ الكرة منه، ولا داعي لأن تعاقبه على مثل هذا الأمر، أما إذا ما كان ذلك السلوك الذي بدر من طفلك يثير قلقك، فكل ما عليك فعله هو تعزيز تلك الرسالة التي أردت توجيهها لطفلك من خلال مناقشة ما حدث في وقت لاحق".
امنحي طفلك فرصة النظر والتعرف على تبعات الأمور التي قام بها، هذا على أن تختاريها بعناية فائقة، وفي حالة تجاهل ابنك مراراً التعليمات الواضحة التي أعطيتها إياه بهذا الشأن، والأفضل من ذلك هو أن تجعليه يتحمل تبعات أفعاله، فإذا ما كان يضرب الصبية الآخرين فعليك أن تمنعيه من مشاركتهم اللعب.
50-60 دقيقة.. قومي بتعزيز النتائج:
إن الشعار الدائم الذي يجب أن يتبعه أولياء الأمور هو "الاستمرارية والثبات"، فالأطفال يفكرون دائماً بصورة منطقية، وهو ما يجعلهم يعتقدون بأنه إذا لم يكن الأب والأم يطبقان قوانينهما بصورة مستمرة فهذا يعني بأنهما لم يكونا جادين فيما قالاه
"إن الفكرة المهمة هي أن تقومي بوضع عدد قليل من القوانين على أن تقومي بتعزيزها وتأكيدها بصورة مستمرة، ولهذا لا تقومي بتحذير أبنائك ووضع شروط تعلمين جيداً بأنك لن تستمري في فرضها كأن تقولي له: "أنت ممنوع من أكل الحلوى، إلى الأبد" أو "أنت ممنوع من الخروج واللعب لمدة شهر كامل" وغيرها من الجمل التي ستزعج طفلك وفي الوقت ذاته ستقلل من سلطتك وتضعف من مكانته.
وعندما تقومين بكل ذلك، ستجدين بأن خطة الـ 60 دقيقة قد كانت بسيطة جداً، إلا أنها لا تزال بحاجة إلى أن تفكري بروية في أهدافك وأن تتحلي بقدر من التحكم والسيطرة على الذات، والسبب في ذلك هو أن التربية الجيدة هي أكثر بكثير من مجرد منع طفلك من رمي الطعام على الأرض أو الكتابة على الجدران،
رسالتنا الحقيقية هي أن ننقل أفكارنا وقيمنا إلى أبنائنا، وأن نوضح لهم بأننا نتحلى بقدرتنا على ضبط ذواتنا وهو ما نحاول أن نعلمه لهم.