عند
وقت النوم، ينبغي أن يكون عندك هدف واحد واضح: أن تجعلي طفلك يشعر أنّ كلّ
ما في عالمه حسن. إذا نجحْت في ذلك، تمنعين تنشيط كيماويّات الكرب في
دماغه وتُشعرينه، إذ يغفو، بأمان تامّ وبأنّه محبوب. هنالك أشياء تساعدك في
تحقيق ذلك، سواء اخترت أن ينام في سريرك، أم في سريره.
- حقائق حول الأطفال والنوم:
أوّلاً، نوم الأطفال مضطرب. عندما نقبَل هذه الحقيقة، قد نتوقّف عن النظر
إلى الطفل الذي يصحو ليلاً على أنّه علامة على فشل الوالدين، والأبحاث حول
أنماط نوم الأطفال بيّنت ما يلي:
* الأطفال عُرْضة للإستيقاظ ليلاً أكثر بكثير ممّا هم الكبار معرَّضون، إذ
إنّ معدَّل دورة نومهم نحو 50 دقيقة، فقط، مقارنة مع دورة الكبار التي تدوم
نحو 90 دقيقة.
* إضطرابات النوم المتكرّرة في سنوات ما قبل المدرسة أمر شائع جدّاً.
* نحو 25 بالمئة من الأطفال دون سن الخامسة يعانون شكلاً من أشكال إضطرابات النوم.
* ما يصل إلى 20 بالمئة من الوالدين يواجهون مشكلة مع بكاء طفلهم أو تهيُّجه في الأشهر الثلاثة الأولى من الحياة؟
- تَهدئة الدماغ عند وقت النوم:
هدفك الرئيسي عند وقت النوم أن تهدّئي طفلك من حالة إستحثاث قصوى، وذلك بأن
تنشّطي في الدماغ فرز مادة الأكسيتوسين المهدّئة وهرمون الميلاتونين
(هُرمون النوم). أفضل طريقة للوصول إلى ذلك تكون بتعويد طفلك على روتين نوم
مهدّئ. عندما يُستعاد الروتين نفسه، يغلِب أن ينشِّط المواد الكيماويّة
المهدئة نفسها في الدماغ.
- تأمَّلي في ما يلي...
إذا واجه طفلك صعوبة في الإستغراق في نوم هانئ، فإن ملامسة جسمك تساعده في
الإسترخاء. مثالياً، استَلقي بهدوء إلى جواره إلى أن يغفو. إذا كان طفلك لا
يزال ينام في مهْد، ابقي قريبة منه ولا مسيه بأن تضعي يداً مهدّئة على
جسمه.
- أياً ما كان تفعلينه، ابقَي هادئة:
إذا ما نشطَت كيماويّات الكرب في ماغك أنت بقوّة، لا تتوقّعي أن تكوني
قادرة على تهدئة طفلك من حالة إستحثاث. نغمة صوتك هي كلّ شيء، وإذا كنت
متوترة، أو متهيّجة، أو غاضبة، ستبوء محاولاتك في التهدئة بالفشل. كَرْبك
وغضبك ينشّطان بسهولة أجهزة الإنذار في دماغ طفلك، فلا يشعر بالأمان
ليستغرق في النوم. من ناحية أخرى، إذا كان دماغك ينشّط الأوبيود، وإذا كان
صوتك لطيفاً هادئاً ومهدِّئاً، يشعر طفلك بالأمان ويغلِب أن يستجيب إستجابة
ممتازة فينام.
- التصقي به واقرأي قصّة:
إذا تقرأين لطفلك، فإن ملامستك لجسمه تنشّط الأُكسيتوسين في دماغه، وهو ما
يمكن أن يُشعِره بالنعاس. استماع طفلك إلى القصّة ينشّط الفصين الجَبهيين،
الجزء من الدماغ الذي يكبح طبيعياً الدوافع المحرِّكة، مثل الرغبة في القفز
في أنحاء السرير.
حاولي أن تُنشئي جوّاً سحرياً. اجعلي الضوء خافتاً (العتمة تنشّط
الميلاتونين) أو إستخدمي شموعاً آمنة. بإمكانك أيضاً أن تشغّلي موسيقى
مهدّئة يمكن أن تُخفِض مستويات الإستحثاث في الجسم.
- لا تُعطيه طعاماً يُبقيه مُستيقظاً:
تجنّبي إعطاء طفلك أطعمة بروتينية، مثل اللحم أو السمك، في الساعتين اللتين
تسبقان وقت نومه، إذ إنّ ذلك ينشّط الدوبامين (منبِّه للدماغ). الشوكولاتة
ليست فكرة حسنة أيضاً، إذ إنّها تحتوي على الكافيين المنبِّه. إذا كان
طفلك جائعاً، اعرِضي عليه طعاماً من الكربوهيدرات مثل موزة، إذ إنّ ذلك
ينشّط السيروتونين في الدماغ، الذي يمكن أن يساعد في جعله يشعر بالنعاس.
* "أعلم أنّ وقت النوم قد اقترَب":
إنّ روتين التهدئة قبل النوم، بمغطس إستحمام يَتبعه قراءة حكاية، يساعد في
تنظيم جهاز الإستحثاث في جسم طفلك. طفلك يعتمد عليك إعتماداً كبيراً في
تنظيم كيماويّات دماغه بطريقة تُهيّئة للنوم.
- تجنّبي تنشيط جهاز الخوف في دماغ طفلك السُّفلي:
إذا كان طفلك يخاف من الظلام، أبقي في غرفته نوّاصة مُضاءة، أو مصباحاً
خافتاً. احملي خوفه وقلقه على مَحمَل الجِدّ وطمئنيه. إذا لم تفعلي ذلك،
يمكن أن يواصل دماغه إفراز مستويات عالية من الغلوتاميت، والنورادرينالين،
وعامل إفراز الكورتيكوتروفين (CRF)، وهو ما يدفع بجسمه إلى حال من
الإستحثاث المفرط. عندما يحدث ذلك، لا يستطيع أحد أن يخلُد إلى النوم.
- قد تختارين أن تستلقي إلى جانب طفلك عندما يكون مُقبِلاً على النوم:
إذا فعلتِ ذلك، لا ينبغي أن يكون هناك كلام. تظاهري أنتِ نفسك بالنوم؛ قومي
بتنفُّس عميق. ملامسة جسمك لطفلك ينظّم جهاز الإستحثاث في جسمه ويقوّي
الرابطة العاطفية بينكما. كلّما كنت أكثر هدوءاً، كان هدوء طفلك أشدّ. راعي
ما له دور من كيماويات الدماغ. الملامسة تنشّط إفراز الأوبيود
والأكسيتوسين والأُكسيتوسين يساعد على النوم. متى ما نام طفلك، بإمكانك أن
تخصّصي الأمسية لنفسك.
- إذا كان طفلك من القلق بحيث لا يرغب في تركك، يُستحسَن أن تسأليه عن السبب:
إنّ طفلاً عمره ثلاث سنوات ويُعاني من نشاط جهاز الخوف في دماغه أو جهاز
الإنفصال أو الكرب، ويطلب أن يشرب، أو أن يتبوّل، أو يطلب دُميته، يكون في
الحقيقة يحاول أن يقول إنّه خائف. اسأليه عن سبب خوفه، أو ما يظنّ أنّه
سيحدث إذا ما تركتِ الغرفة. متى ما خرجت مشاعره إلى العلن وتحدَّث عنها،
يكون بإمكانك أن تجدي طُرقاً لتهدئته، مثل قطعة من ثيابك تُعطينه إيّاها
ليحملها معه إلى فراشه، أو دَسِّ الغطاء حوله بطريقة خاصّة، أو طمأنَتِه
بكلمات لطيفة وإحتضانه. إستخدمي حضورك الدافئ عاطفياً لتنشيط الأوبيود في
دماغه، إذ إنّ هذه المواد الكيماويّة تكبح كرب الإنفصال طبيعياً.
س: أجد أنّ أن أهدّئ طفلي مجدّداً، كلّ ليلة، ما الخطأ الذي أرتكِبُه؟
إذا كنتِ تجدين صعوبة في جعل طفلك ينام ليلة بعد ليلة. تكونين محتاجة إلى
أن تسألي نفسك بعض الأسئلة. أوّلاً، هل أنتِ نفسكِ على قَدر مقبول من
الهدوء؟ الدماغ البشري شديد الحسّاسية للأجواء الإنفعالية ولإلتقاء
الإنفعالات التي يمكن أن تكوني تشعرين بها بقوّة ولكن تحاولين عدم إظهارها.
هل الجوّ في غرفة طفلك جوّ سلام وأمان، وهل الأضواء خافتة لتنشيط هرمون
الميلاتونين الذي يساعد على النوم؟ هل طفلك متعب إلى حدّ كافٍ؟ هل تناول
حديثاً أطعمة بروتينيّة أو شوكولاتة، أو هل شرب شراباً فوّاراً، والتي
تنبّهه كلّها؟ هل يتلقّى نشاطاً بدنياً كافياً في أثناء النهار؟ احرِصي على
أن يلعب خارج المنزل، كلّما أمكن ذلك، خلال فترة بعد الظهر؛ كلّما زاد
لعبه خلال فترة النهار، كان نومه أحسن ليلاً.
هل يُزعجه شيء في البيت أو في المدرسة، فلا يشعر بما يكفي من الأمان لينام؟ هل تُكثرين من انتهاره؟
هل يُكثر من الصياح في وجهك؟ إذا كان يشعر أنّ علاقته معك مهتزّة، سيُخيفه أن يتركك ليلاً
تحيااتى