الطفل
الذي تظهر عليه بعض أعراض غير مألوفة؛ مثل الميل فجأة إلى الانطواء أو
الخوف الذي لا مبرر له من بعض الأشياء اليومية العادية لا يصح أن يعد على
الفور مريضا؛ لأن هذه الاستجابات قد تكون عابرة. ولكن يمكن اعتبار هذه
الاستجابات مرضية إذا حدثت بصورة متكررة أو إذا استمرت لفترة طويلة فإنها
في هذه الحالة تقتضي من الآباء الملاحظة الدقيقة الجادة والبحث عن مصادر
القلق والخوف المتعمق جذورها في داخل الطفل، وفي هذا الوقت ينبغي أن يعرض
الطفل للفحص الطبي النفسي للاستشارة والمساعدة في العلاج.
العلامات المميزة للاضطراب النفسي في مختلف الأعمار:
1- من الولادة حتى الثانية من العمر:
مشاكل هذه الفترة تظهر في بطء النمو البدني والسلبية الزائدة في الاستجابة
للمؤثرات الخارجية - كثرة مشاكل النمو - مشاكل في التغذية كرفض الطفل
للطعام أو تكرار القيء غير المصحوب بأعراض أخرى.
2- من الثانية إلى الرابعة من العمر:
إذا استمر إصرار الطفل على رفض الطعام وعدم ضبط وظائف الإخراج كأن يكون
هناك تبول ليلي لا إرادي وبصورة ملحوظة، أو أظهر الطفل عدم رغبته في
الاختلاط بالأطفال الآخرين أو رفض الاستجابة إلى أي محاولة للحد من سلوكه
في هذا الوقت يجب التدخل من الوالدين للعرض على الطبيب المختص حيث إنه
يحتاج إلى المساعدة الطبية النفسية.
3- من سن الرابعة إلى السادسة من العمر:
في هذه السن ينبغي أن يكون الطفل قد اندمج في المجتمع المحيط به فإذا لم
يحدث ذلك وظهرت عدم قدرته على الاندماج مع الأطفال الآخرين، أما إذا استمر
في عدم التوافق معهم أو العراك المستمر معهم أو الانطواء على نفسه بعيداً
عنهم، وكذلك مما يدعو إلى الاهتمام والاستمرار في ابتلال الفراش، أو صعوبة
النطق أو تكرار نوبات الغضب الحادة، أو الاستمرار في الرغبة في التخريب، أو
في التكرار المتعمد في القسوة على ال*****ات، جميعها علامات منذرة باضطراب
نفسي يحتاج إلى الفحص الطبي النفسي والعلاج.
4- من عمر السادسة إلى الثامنة:
في هذه السن يكون الطفل قد بدأ حياته المدرسية وتظهر بعض المشاكل البسيطة
للتكيف مع المجتمع المدرسي الجديد، فإذا أظهر خوفاً من المدرسة ورفض الذهاب
إليها فإن ذلك قد يكون علامة للاضطراب النفسي أو اضطراب التكيف الداخلي،
ولكن إذا تكرر هذا الرفض وقد أصر عليه الطفل، وكذلك مما يدعو الآباء إلى
الاهتمام في هذه المرحلة استمرار ابتلال الفراش ومص الأصابع أو الخوف من
الإصابة بالمرض. ومع ذلك ينبغي أن يفهم الوالدان أن ظهور هذه الأعراض سواء
بعضها أو جميعها لا ينبغي أن تكون أعراضاً لمتاعب خطيرة فقد يكون الباعث
إلى انطواء الطفل موت أحد أصدقائه المقربين أو أقاربه، أو قد يكون عدم
رغبته في الذهاب إلى المدرسة ناتجاً من صراع داخلي مع أحد مدرسيه، ففي كل
هذه الأمثلة هناك تفاعل داخلي يحتاج من الطفل إلى أن يلجأ إلى تكيف جديد،
فإذا أمكن التخلص من هذه الأسباب التي تهز كيانه النفسي سيعود الطفل إلى
السلوك الطبيعي وتصبح المشكلة وقتية..
أما إذا استمر الاضطراب ظاهراً في سلوك الطفل على الرغم من عدم وجود سبب
واضح ولفترة طويلة أو حتى بعد زوال السبب الخارجي الذي أدى إلى ظهوره، ففي
هذه الحالة فقط ينبغي أن تؤخذ الأمور وبصفة جادة وباهتمام وتعرض حالة الطفل
للمشورة الطبية النفسية وبدون تأخير..
هذا وكلي أمل بصحة نفسية جيدة لكل أطفالنا الأعزاء..د.علي رضا