السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
تعويد الأطفال على
الاستقلالية ليس أمرا سهلا بالنسبة للأبوين لأنها عملية يجب أن تبدا منذ
الصغر. عندما يصل الطفل الى مرحلة المراهقة تنفجر عنده عدة رغبات ليشعر
بالاستقلالية في كثير من التصرفات مثل السفر لوحده والشعور بالحرية لممارسة
نشاطاته. ويحذر المختصون بشؤون سلوك الأطفال والمراهقين بانه اذا لم يتعود
الطفل منذ الصغر على حسن استخدام الاستقلالية فانه سيقع ضحية أخطاء هو في
غنى عنها لو أن الأبوين عوداه على مفهوم الاستقلالية.
ليست هناك استقلالية كاملة:
قالت
مجلة /ميا فيدا/ البرازيلية ان الاستقلالية في التصرف ان كان داخل الأسرة
أو في المجتمع نسبية لأننا دائما ومهما تقدمنا في العمر نظل نسال ونبحث عن
آراء من هم أكثر منا خبرة في شؤون الحياة لتعلم الأشياء. القيود الأسرية
والاجتماعية قد تعيق الشعور بالاستقلالية التامة للفرد ولكن هذا لايعني
لجوء الأبوين داخل الأسرة الى فرض رقابة صارمة تشعر الطفل بأنه مخنوق.
وأضافت
المجلة في دراسة كتبتها الباحثة الاجتماعية البرازيلية آليني كورتيز /32
عاما/ بأنه مع هذه الحقيقة حول الاستقلالية يمكننا أن نعود أطفالنا على
تحمل المسؤوليات عندما يقررون القيام بنشاطات من دون تدخل الآخرين. فان
أخطأوا التصرف يكون دور الأبوين هو الاشراف والتنبيه واعطاء النصيحة.
منذ السنوات المبكرة من العمر:
وقالت
/آليني/ المحاضرة في علم الاجتماع في الجامعة الفدرالية البرازيلية في
مدينة ساو باولو انه يتوجب على الأبوين أن يفهما بأن القدرة على منح
الاستقلالة للطفل هي عملية طويلة تبدا منذ السنوات المبكرة من العمر وتتطلب
الكثير من الانتباه. وطبقا للباحثة البرازيلية فان هناك بعض العادات
الصغيرة التي يمكن أن تحفز الطفل على الشعور بالاستقلالية نفسية كانت أم
فيزيولوجية.
وأضافت بأن ترك الطفل يلعب بألعابه منفردا لبعض الوقت هام
جدا لشعوره بالاستقلالية. ولذلك ينصح الأبوان بترك ألعاب الطفل في الأماكن
التي يمر منها عادة وتركه يختار مايشاء منها لوحده لأن ذلك يعوده على حرية
الاختيار. وحذرت من أن اجبار الطفل على اللعب بألعاب مفروضة عليه لسبب من
الأسباب تجعله يتمرد ويطالب بأخرى غير التي قد مل منها. والأمر الوحيد الذي
يجب ان ينتبه اليه الأبوان هو سلامة الطفل وليس التدخل في اختيار مايريد
اللعب به.
التشجيع على الاستقلالية:
وأشارت /آليني/ الى أنه ينبغي
على الأبوين ادراك بأن الطفل يحتاج الى تحفيزه وتشجيعه على الاستقلالية
وتطوير حسه بالاستقلالية النفسية والفيزيولوجية. وقالت انه ليس من المفروض
ملاحقة الطفل خطوة خطوة اثناء اللعب لوحده لأنه عندما يشعر بأنه مراقب بشكل
دائم فهو سيلجأ الى تصرفات مضادة في محاولة للخروج عن الروتين المفروض
عليه.
وقالت الباحثة البرازيلية ان الأبوين يركزان التفكير والجهود
لحماية الطفل بشكل يفوق عن الحد وهذا سبب لتمرد بعض الأطفال الذين حتى وان
كبروا سيفهمون معنى الاستقلالية على أنه تمرد على الآخرين. وأوضحت /آليني/
بأنه ليست هناك سن معينة لتعليم الطفل على الاستقلالية ذلك لأن تطور كل طفل
يختلف عن الآخر من الناحية البدنية والفكرية. ولذلك يجب ان يبدا الأبوان
بهذه العملية بمجرد شعورهما بان طفلهما قادر على القيام بمهام بسيطة بمفرده
مثل تركه يستحم لوحده وتركه يرتدي حذاءه بنفسه وارتداء ملابسه لوحده، وان
أخطأ يجب على الأبوين تعليمه كيفية التصحيح وليس القيام بالشيء بدلا عن
الطفل.
الاستقلالية في فترة المراهقة:
تابعت الباحثة البرازيلية تقول
بأن دور الأبوين يظل مهما بالنسبة لفهوم الاستقلالية عندما يصل الطفل الى
سن المراهقة. فيجب ان يعلما بأن كل سن يجلب معه طاقة معينة حول الاستقلالية
لأن نمو الطفل يعني نمو القدرات عنده. وقالت ان سن المراهقة تعني فترة
انتقالية بالنسبة للاستقلالية. انها بالضبط الفترة التي تفصل بين سن
الطفولة والشعور بالنمو، ولهذه المرحلة متطلباتها. يجب على الأبوين تقديم
ما اسمته الباحثة ب "وثيقة الاستقلالية" للمراهق بهدوء ودون ضجة لأن هناك
آباء يزيدون من الضغوط على أطفالهما عندما يصلون سن البلوغ. هذه الضغوط لن
تفيد اذا لم يكن المراهق قد تعود منذ الصغر حدود الاستقلالية الممنوحة له.
وقالت
ان هذه المرحلة تتطلب الحوار حول حدود الاستقلالية وتعريفه بالفرق بينها
وبين الفوضوية لكي يتعرف المراهق على المسؤولية المترتبة على الاستقلالية.
هذا الحوار يعتبر ضروريا لأن الأبوين لن يكونا حاضرين في حياة المراهق كما
كانا عندما كان طفلا صغيرا. وبهذا الغياب تدخل آفاق جديدة حول الاستقلالية.
السفر والصداقة والعائلة:
قالت
الباحثة البرازيلية /آليني/ ان بعض الاباء يمنعون أولادهم المراهقين من
السفر لوحدهم وبناء الصداقات ولكن يجب عليهم أن يدركوا بأن منع المراهق من
ذلك سيشعره بأن معاملة الأهل له لم تتغير منذ ان كان صغيرا. وفي هذه الحالة
سيكون تمرده أخطر لأنه قد يلجأ للتحدي والمواجهة وبذلك تضيع كل الجهود
لتعريف المراهق بالاستقلالية في التصرف.
وأشارت الى انه ليس من الخطا أن
يدع الأهل مراهقيهم يسافرون بمفردهم مع مجموعات من الأصدقاء المعروفين لدى
الأبوين. وهناك حقيقة يجب ان يدركها الآباء وهي أن المراهق لايحب السفر مع
الأبوين دائما دون أن تكون له حرية التحرك للسفر مع مراهقين من سنه ومن
نفس درجة تفكيره.
وينطبق الأمر أيضا على بناء الصداقات. يجب أن يشعر
المراهق بالاستقلالية في اختيار صداقاته من دون تدخل الأبوين لأنه سيكتشف
الفرق بين الصديق الجيد والسيء واذا عمل ذلك فان وعيه تجاه بناء الصداقات
سيتطور. وضمن العائلة فان دور الأبوين يجب ان يتحول الى دور المرشدين
والناصحين لتعليم المراهق على احترام الاستقلالية الممنوحة له عبر الحوار
الذكي.
اتمنى ينال اعجابكم