بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
العنوان
صحة حديث (صوموا تصِحُّوا )
المجيب
د. عمر بن عبد الله المقبل
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
السؤال
نرجوا بيان صحة حديث : صوموا تصِحُّوا :
الجواب
هذا الحديث روي عن جماعة من الصحابة - رضي الله عنهم - منهم :
01 أبو هريرة - رضي الله عنه - : أخرج حديثه العقيلي في " الضعفاء " 2/92 في ترجمة زهير بن محمد التميمي ، والطبراني في " الأوسط " 8/213 ح ( 8312) من طريق زهير بن محمد ، عن سهيل بن أبي صالح ، عن أبيه ، عن أبي هريرة -رضي الله عنه - بلفظ : " اغزوا تغنموا ، وصوموا تصحوا ، وسافروا تستغنوا ".
قال العقيلي عقب إخراجه : " لا يتابع عليه إلا من وجه فيه لين ".
وقال الطبراني : " لم يروِ هذا الحديث عن سهيل بهذا اللفظ إلا زهير "
وضعفه العراقي في " تخريج الإحياء" 3/115
02 علي - رضي الله عنه - أخرجه ابن عدي في " الكامل " 2/357 من طريق حسين بن عبد الله بن ضميرة بن أبي ضميرة ، عن أبيه عن جده ، عن علي - رضي الله عنه -قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " صوموا تصحوا " وإسناده تالف ؛ لأن حسيناً هذا متروك الحديث كما قاله أحمد والنسائي وغيرهما ، وقال عنه البخاري : منكر الحديث ، كما ذكر ذلك ابن عدي عنهم.
03 عن ابن عباس - رضي الله عنه -: أخرجه ابن عدي في " الكامل " 7/57 من طريق نهشل بن سعيد عن الضحاك ، عن ابن عباس - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " سافروا تصحوا ، وصوموا تصحوا ، واغزوا تغنموا ".
وإسناده ضعيف جداً ،إن لم يكن موضوعاً ؛ لأن نهشل بن سعيد قال عنه ابن راهويه : كان كذاباً ، وقال النسائي : متروك الحديث.
وخلاصة القول :
أن الحديث روي عن جماعة من الصحابة - رضي الله عنهم - ، ولا يصح منها عن المعصوم - صلى الله عليه وسلم - شيء ، ولا يعني ذلك بطلان معناه ؛ لأن الأطباء يتحدثون كثيراً عن فوائد الصيام الصحية ، وهو أمر مشاهد ومعروف ، بل هو - أي الصيام - من الأساليب التي يستخدمها بعض الأطباء لعلاج بعض الأعراض ، ولكن هنا ينبغي التنبُّه لأمرين:
الأول : أن المحدثين يهتمون ببيان صحة الحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وهل هو ثابت عنه من ذلك الطريق أم لا ؟ وقد يكون معناه صحيحاً ، أو صح موقوفاً عن بعض الصحابة - رضي الله عنهم -إلا أن صحة المعنى أو ثبوته عن الصحابي شيء ، وصحة نسبته للنبي -صلى الله عليه وسلم - شيء آخر.
الثاني : أن بعض الناس حينما يتحدث عن فوائد بعض العبادات الصحية أو الطبية ، يوغل في ذلك ويبالغ مبالغة غير محمودة ، حتى إنه ليخيل لبعض المستمعين أن تلك العبادة إنما شرعت لهذه الفوائد الطبية أو تلك ، وهذا خطأ ! لأن الغاية العظمى من مشروعية العبادات هي تعبيد الناس لرب العالمين - جل جلاله - وحصول التذلل له -سبحانه- وزيادة الإيمان بالإقبال عليه - تبارك وتعالى - ، وحصول التأسي بالنبي - صلى الله عليه وسلم - الذي شرع وبين لأمته هذه العبادات العظيمة.. نعم ، في العبادات فوائد صحية وبدنية ، لكنها تبع ، وليست أصلاً ، فينبغي أن تعطى حجمها اللائق بها ،
والله أعلم.